يعيش أكثر من 14 مليون نسمة، نصفهم تقريبًا من اليهود ونصفهم الآخر من الفلسطينيين، في المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط في ظل نظام واحد. وفي الخطابات العامة والسياسية والقانونية والإعلامية، فإن التصور الشائع هو أن هذين النظامين منفصلان، كل منهما يتصرف بمفرده، ويفصل بينهما الخط الأخضر. أحد النظامين، داخل حدود دولة إسرائيل ذات السيادة، هو نظام ديمقراطي دائم، يبلغ عدد سكانه حوالي 9 ملايين نسمة، جميعهم مواطنون إسرائيليون. أما النظام الآخر، في الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، والتي من المفترض أن يتحدد وضعها النهائي في المفاوضات المستقبلية، فهو احتلال عسكري مؤقت مفروض على نحو خمسة ملايين فلسطيني.
هذا التمييز المقبول يتجاهل حقائق حاسمة: أن هذا الواقع "المؤقت" مستمر منذ أكثر من 50 عامًا؛ وأن مئات الآلاف من المستوطنين اليهود يعيشون في أكثر من 280 مستوطنة دائمة في الضفة الغربية؛ وأن إسرائيل ضمت القدس الشرقية بحكم القانون وضمت بحكم الأمر الواقع بقية الضفة الغربية.
والأهم من ذلك أنه يحجب حقيقة أن المنطقة بأكملها منظمة على مبدأ واحد: تعزيز وإدامة تفوق مجموعة واحدة - اليهود - على مجموعة أخرى - الفلسطينيين. لقد سنّت إسرائيل أكثر من 50 قانونًا يميّز ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. منذ عام 1948، اتبعت إسرائيل سياسات الفصل العنصري المؤسسي كوسيلة لتأمين هيمنتها على الشعب الفلسطيني. تهدف هذه السياسات إلى منح امتيازات للسكان الإسرائيليين اليهود بينما تسيطر على الفلسطينيين وتحرمهم من المساواة في الحقوق.
يتم تنفيذ الفصل من خلال أنظمة قانونية منفصلة لليهود الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يعيشون في نفس المنطقة. على سبيل المثال، يخضع المستوطنون اليهود الإسرائيليون الذين يعيشون في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة للقانون المدني الإسرائيلي، بما في ذلك القانون الجنائي، بينما يخضع الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية المحتلة، باستثناء القدس الشرقية، للقانون العسكري الإسرائيلي. انتقدت لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة إسرائيل لانتهاكها الحق في المساواة في تقرير صدر عام 2012.
وفي وصفها لوجود نظامين قانونيين منفصلين في الضفة الغربية، قالت اللجنة إنها "تشعر بالجزع من الطبيعة المحكمة لهذا الفصل. الأداة الرئيسية التي تستخدمها إسرائيل لتطبيق مبدأ التفوق اليهودي هي تصميم الحيز جغرافيًا وديموغرافيًا وسياسيًا. يعيش اليهود حياتهم في مساحة واحدة متجاورة يتمتعون فيها بكامل حقوقهم وحق تقرير المصير. وعلى النقيض من ذلك، يعيش الفلسطينيون في مساحة مجزأة إلى عدة وحدات، لكل منها مجموعة مختلفة من الحقوق، تمنحها إسرائيل أو تحرم منها، ولكنها دائمًا ما تكون أدنى من الحقوق الممنوحة لليهود.