على الرغم من أن المرأة الفلسطينية كانت طرفًا فاعلًا رئيسيًا في تاريخ النضال التحرري الفلسطيني لأكثر من قرن من الزمان، كمدافعة عن حقوق الإنسان لشعبها على المستوى غير الرسمي والمنظم، وكجزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني، إلا أننا لا نعرف عنها إلا القليل من الناحية الرسمية. ومع ذلك، فقبل بدء الاستعمار الصهيوني لفلسطين في القرن التاسع عشر، كانت المنظمات النسائية موجودة قبل بدء الاستعمار الصهيوني لفلسطين. 3.

يعود أول سجل لدينا عن احتجاج عفوي قامت به النساء لمقاومة بناء إحدى المستوطنات الصهيونية الأولى في ذلك الوقت إلى عام 1893. كانت فلسطين التي وجدها المستوطنون الصهاينة الأوائل تشبه إلى حد ما أي مجتمع منظم ومنتج وحديث في ذلك الوقت. تمركزت الحياة الاجتماعية والثقافية في المدن، على الرغم من أن الاقتصاد كان يعتمد على الإنتاج في القطاع الزراعي بشكل رئيسي، وخاصة المحاصيل المكثفة (خاصة الزيتون والبرتقال). وكانت الكثير من المنتجات المصدرة تأتي من المناطق الريفية حيث كانت النساء يتمتعن بقدر كبير من السلطة والحرية.

ليس من المستغرب أن تكون أولى أعمال المنظمات النسائية قد ركزت على تشكيل لجنة خاصة لدراسة أوضاع الفلاحين والزراعة والتجارة والصناعة، وانتهى بها الأمر إلى الدفع باتجاه إنشاء بنك زراعي في تلك السنوات. كان التهديد الحقيقي بالاختراق الأجنبي الوشيك لفلسطين عقب صدور وعد بلفور (1917) واحتلال القدس في العام نفسه، والذي شرعنته اتفاقية عصبة الأمم لإقامة الانتداب (1920) على كامل أراضي فلسطين التي سلمت للإمبراطورية البريطانية (1922)، من الأسباب الرئيسية التي دفعت المرأة الفلسطينية إلى التنظيم السياسي.

حدثت الانتفاضات الشعبية طوال فترة الحكم البريطاني لفلسطين (1917-1947): في 1920-1921 ومرة أخرى في 1929، إلى أن أُعلن الإضراب العام في 1936، والذي أدى إلى الثورة العربية المعروفة في 1936-1939. كانت كل هذه الظروف هي التي دفعت النساء إلى التعبئة السياسية وإنشاء أول منظمة نسائية لأغراض سياسية بحتة في عام 1921، الاتحاد النسائي الفلسطيني. ولكن في الأساس، كانت هذه الظروف هي التي أدت إلى تنظيم مؤتمر نسائي سياسي بحت عام 1929، وهو المؤتمر الأول لنساء فلسطين العربيات الذي عقد في القدس بهدف وضع سياسة عمل مشتركة في مواجهة الواقع المفروض. تأسست جمعية النساء العربيات الفلسطينيات عام 1929 بهدف إنشاء حركة نسائية نسائية موحدة كبيرة لمحاربة الصهيونية.

أصبحت قصة النساء الفلسطينيات من قرية باقة الغربية اللاتي حررن جميع الرجال الذين اعتقلتهم القوات البريطانية عام 1936 أسطورة محفورة في أذهان الجيل الشاب. كما قاتلت النساء الفلسطينيات ضد العصابات الصهيونية خلال النكبة ودافعن عن مدنهن وقراهن إلى جانب الرجال. عندما طُرد ثلثا السكان الفلسطينيين عام 1948 وأصبحوا لاجئين، كانت النساء الفلسطينيات هن من ساعدن الرجال على الإفاقة من الصدمة. فقد ساعدن الرجال على التغلب على مشاعر الإحباط واليأس التي انتابتهم جراء تحولهم إلى لاجئين. وقد أجبرهن دورهن التقليدي كمقدمات الرعاية الأسرية على رفض الانغماس في صدمة النكبة. وبدلاً من ذلك، تمكنوا من إعادة بناء الإحساس بالوطن والملاذ داخل مخيمات اللاجئين مع تعليم أطفالهم كيف يحبون فلسطين ويواصلون الكفاح من أجل حقهم في العودة إلى الأراضي التي طردوا منها. كانت النساء وما زلن حارسات لذاكرة وهوية شعب بأكمله.

اكتسب النشاط السياسي للنساء اللاجئات في البلدان العربية بين عامي 1948 و1967 قوة في المنفى. وكانت الحركة النسائية تنظم وتهيكل نفسها بشكل رئيسي في لبنان. ومع ذلك، بدأت العديد من النساء الفلسطينيات بالتنظيم داخل دولة إسرائيل الجديدة، وانضممن إلى الحزب الشيوعي وعصبة التحرر الوطني، وكذلك في الجامعات. شكّلت نساء الناصرة حركة النهضة النسائية، التي انضمت لاحقًا في العام 1952 إلى مجموعات نسائية يهودية تقدمية لتشكل الحركة النسائية الديمقراطية في العام 1973.

في لجنة إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، كان عدد النساء المشاركات في المجلس الوطني الفلسطيني من أصل 422 مشاركاً في المجلس الوطني الفلسطيني 45 امرأة، و21 منهن شاركن كمندوبات. وكانت ثلاث منهن عضوات في المجلس الوطني الفلسطيني واثنتان في اللجنة التحضيرية. وبمجرد إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، وُلد الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في عام 1956، والذي قام بتعبئة النساء سياسياً وفتح النقاش حول حقوقهن في إطار النضال التحرري. وخلال الانتفاضة الأولى 1987-1993، كان يُنظر إلى النساء خلال الانتفاضة الأولى 1987-1993 على أنهن جزء أساسي من مقاومة الاستعمار الإسرائيلي، وفي كثير من الحالات كنّ يتصدرن الاحتجاجات وينظمن الإمدادات اللوجستية والرعاية لانتفاضة شعبهن. ومنذ الانتفاضة الشعبية نفسها، كانت المرأة الفلسطينية في الصفوف الأمامية: فهي تثور وتوزع الأسلحة والملابس على المقاومين الفلسطينيين، كما كانت في الصفوف الأمامية في رمي الحجارة على الدبابات الإسرائيلية.

في 8 آذار/مارس 1978، تأسست أول لجنة نسائية، لجنة المرأة العاملة (WWC)، التي ركزت على الحقوق الخاصة بالعاملات الفلسطينيات. وسعت من خلال هذه الحركة إلى تعزيز فكرة أن المرأة يمكن أن تكون مفتاحًا للتحرر الوطني في مواجهة النظام الأبوي في مجتمعاتها.
كانت اتفاقات أوسلو الموقعة في عام 1993، والتي عارضتها المنظمات النسائية الفلسطينية، هي التي عطلت حركة المقاومة النسائية وحولتها إلى دوائر حكومية تابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية المنشأة حديثًا، بالإضافة إلى عشرات المنظمات غير الحكومية والكيانات التي، مع الحفاظ على موقفها الثابت ضد الاحتلال، أولت اهتمامًا أكبر بالبناء الديمقراطي للدولة المستقبلية، الدولة الفلسطينية، التي ستأخذ بعين الاعتبار دورها في النضال من أجل تحرير النساء والفتيات وحقوقهن. وفي عام 1994، صاغت النساء الفلسطينيات ميثاق المرأة الذي يحدد الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية للمرأة الفلسطينية. لم يُنفذ هذا الميثاق أبدًا بسبب الاحتلال وضعف هياكل السلطة الوطنية الفلسطينية التي كانت مساعدًا محليًا للمشروع الاستعماري الإسرائيلي أكثر من كونها بذرة دولة جديدة.

في عام 2000، قرر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية تعيين اتحاد لجان المرأة الفلسطينية كرئيس للمجلس الإداري للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الذي سيحاول منذ ذلك الحين إحياء عمل الهيكل الأساسي الذي يمثل جميع النساء الفلسطينيات داخل منظمة التحرير الفلسطينية, والنجاح في إنشاء هياكل ذات وزارة محددة والتوقيع على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وغيرها من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية لحماية حقوق المرأة، مما أدى إلى وضع أول استراتيجية وطنية للقضاء على العنف ضد المرأة من 2011 إلى 2019.

ومنذ ذلك الحين، شهدت الحركة النسائية العديد من التغييرات، لكنها كانت دائمًا عاملًا أساسيًا، سواء داخل مختلف فصائل حركة التحرر الفلسطينية أو خارجها، في استمرار النضال ضد الاحتلال والصهيونية لعقود. ونتيجة لذلك، فقد واجهن مثل زميلاتهن من الرجال الاعتقال والتعذيب والتجسس والعنف الجسدي والجنسي من قبل المحتل، بالإضافة إلى عواقب البنية الأبوية التي تعطي الأولوية للنضال من أجل التحرر وتضع المطالب النسوية في المرتبة الأخيرة.

3 https://www.jstor.org/stable/2676453